top of page
Writer's pictureHaya Alaqeel

و تُكشف الأقنعة ..حين يهاجمك المرض


بقلم : هيا العقيل



من يعرفني جيدا يعرف أنني كنت أعيش، مؤخرا،  تجربة عيش كل يوم بيومه متمهّلةً محاوِلةً الاستمتاع بالحياة -التي باتت معقّدة من حولنا من جميع الجهات- بلا أي التزامات أو خطط قصيرة أو طويلة الأجل، اعتزلت فيها الكتابة و كل ما من شأنه أن يضعني في جدول أعمال و مهام و التزام إجباري نحوه . هي إجازة تُعتبر الأولى من نوعها في رحلة حياتي، أعيش ما أشعر به، أهتم بمن هم أولوية في حياتي، أحاول فيها بين الحين و الآخر أن أقرأ نفسي تماما كما أحاول أن أقرأ الكتب التي يستعصي عليّ فهمها أحيانا، مع نيّتي أن لا أطيل في هذه التجربة حتى لا يصيبني الكسل فأعلق في شباكه، أُذكّر نفسي و أضع نصب عيني ما قاله الإمام الحسن البصري:( يا ابن ادم إنما أنت أيام فإذا مضى يوم مضى بعضك)، فأركّز في يومي و أذكّر نفسي بأنّ الله لم يكلّفني عمل غد فلِمَ أنشغل عنه برزق غد أو ما يحمله الغد بكل ما فيه


لكن مرضْ أحد أعزّ الأشخاص على قلبي مرضا شديدا اعتصر قلب كل من أحبّه -بصدقٍ طبعا- و أنا كنت أوّلهم، فلا أحد يفاوضني في حبّ هذا العزيز، جعلني دون شعور مني أقطع إجازتي و أُمسك قلمي لأخطّ ما اختلج في نفسي و ما تبادر إلى ذهني حين رأيته يغوص في بحر المرض


في المرض تكتشف الكثير ..

و الكثير هذا قد يفاجؤك إما لروعته أو لقبحه


في المرض .. تكتشف الصادقين الذين يحبونك بصدق لأنك أنتَ هو أنت، و تُنزع الأقنعة رغما عنها عن أولئك الذين أتقنوا دورهم في التمثيل

و إظهار الودّ لك


في المرض.. تكتشف من يواسيك لحرصه عليك

و حبّه لك، و من يواسيك ليتأكد أن مصالحه لن تتأثر بمرضك و بُعدك عنه


في المرض.. تكتشف من أنتَ ضمن أولوياته،

و من أنتَ آخرها أو حتى خارجها من الأساس


في المرض..  تكتشف من يسهر الليل لأجل راحتك، و من يتأفّف من مرضك باحثا بدوره عن راحته


في المرض.. ترى في عيون المحبّين لغة صدق لم تكن لتُميّزها لولا أنك في غمرة المرض، فالمريض لديه حاسة عاشرة و ليس سادسة فقط


في المرض.. ترى من يترك كل شيء لأجل أن يبقى معك.. ليسندك و يساندك، و من يتعلّل بأي شيء حتى يتخلّى عن قيد و مسؤولية أن يكون معك


في المرض.. ترى من يترك كل شيء لأجل أن يبقى معك.. ليسندك ويساندك، و من يتعلّل بأي شيء حتى يتخلّى عن قيد و مسؤولية أن يكون معك

في المرض.. من يتمنى شفاءك حتى ينعم بقربك

و أنت في صحتك، و من يتمنى شفاءك حتى لا تتعطّل مصالحه فتتعب نفسيّته و صحته


في المرض.. من يجلس على برج عاجيّ معطيا من حولك نصائح في مراعاة المريض، دون أن يكلّف نفسه عناء جهد فعل شيء و لو بسيط في سبيل سلامتك


في المرض.. لن تنسى من كان همّه شفاءك،

كما لن تنسى تماما من لم يكترث بصحتك أو سقمك، أو حتى ببقائك أو فراقك


في المرض.. تُكشف أقنعة لولا المرض لما كُشفت،

و يسقط بشر و يرتفع بشر..  بهذا المرض


في المرض.. تُعيد ترتيب حياتك لما بعد الشفاء إن كُتب لك الشفاء بإذن الله، و تُحسن ظنّك بخالقك و تعلم حينها أن الله يحبك جدا فابتلاك بهذا المرض


فكفّرَ عنك من ذنوبك بإذنه و طهّرك و كشف لك ذوي الأقنعة من البشر الذين ما كان ليكشفهم لك سوى المرض


فتنهض أقوى مما كنت، و ترمي خلفك بإذن ربك

ذاك المرض، و أولئك الذين كشفهم لك أيضا ذاك المرض


فهم في حدّ ذاتهم.. أكبر مرض


و السلام

81 views0 comments

Recent Posts

See All

Comments


bottom of page